حمل المرأة لطفل يؤدي دون شك إلى حدوث تغيرات في جو المنزل، وبخاصة في بداية الزواج والحمل الأول للمرأة، هناك الكثيرون من الأزواج الذين تداهمهم الغيرة مرتين، المرة الأولى عندما تحمل الزوجة والثانية عندما يأتي المولود
فالزوج، يشعر من الداخل بأن الحمل يحدث تغيرات في المرأة غالبا لا يستطيع فهمها بشكل صحيح، وهناك غالبية من الرجال الذين لا يحبذون أي تغييرات في روتينهم اليومي مع الزوجة في بداية الزواج، ولكن الحمل بما يتضمنه من تغيرات فسيولوجية ونفسية بالنسبة للمرأة يكسر هذا الروتين.
ويزداد كسر روتين عندما يولد الطفل، هذا يسمى في علم النفس بالغيرة غير المقصودة للأب من الأطفال الصغار الذين يأخذون الجانب الأكبر من اهتمام الزوجة فيشعر الزوج بأنه خارج إطار الاهتمام إذا لم يكن مشاركا حقيقيا ومتفهما لتبعات الحمل والولادة.
قالت دراسة برازيلية إنه قديما لم يكن الرجال يعطون أي اهتمام لحمل المرأة إلا من ناحية واحدة وهو الرغبة في أن يكون المولود ذكرا، لم يكن الأزواج ينخرطون في صلب حقيقة أن حمل المرأة يستوجب تعاون الزوجين لكي يدخلا في مرحلة جديدة من الحياة مع قدوم المولود.
وأضافت الدراسة أنه مهما كانت آلام المرأة الحامل شديدة فإن الزوج لم يكن يبالي بذلك قديما، بل وكان يتوجب على المرأة إخفاء آلامها وعدم التقصير في تقديم جميع الخدمات التي يحتاجها الرجل حتى آخر يوم من ولادتها، إذن ، فان فكرة الغيرة من حمل الزوجة أو قدوم المولود لم تكن موجودة لأن الروتين الذي تعود عليه الزوج لم يكن يتأثر كثيرا مع التضحيات الهائلة التي كانت تقدمها الزوجة لكي لا تشعر زوجها بأن روتينه قد تغير.
أما في أيامنا هذه فإن الوضع اختلف كثيرا مع شعور الرجل بأن الحمل ليس بالأمر السهل عند المرأة وبأن هناك متاعب جسدية ونفسية تصيب المرأة وتؤثر عليها، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن المرأة الحديثة لم تعد تتقبل ابتعاد الرجل عنها أثناء فترة حملها وبعد وضعها للمولود، أصبح باستطاعة المرأة مواجهة الزوج وإفهامه بأنها لم تحمل لوحدها بل أن الزوج مسؤول أيضا عن ذلك.
وأوضحت الدراسة بأن الرجل يشعر بغيرة ضمنية مزدوجة، الغيرة من قدرة المرأة على تحمل تبعات الحمل وهي المخلوق الضعيف في نظره، ومن ثم الغيرة من أن ذلك المخلوق البشري الذي حملته في بطنها تسعة أشهر سيكون لا محالة غاليا جدا عليها وربما ينتقص ذلك من مكانته.
الرجل لا يحاول إظهار التغيرات النفسية التي يشعر بها أيضا نتيجة حمل الزوجة بأنها غيرة وإنما نوع من القلق على تغير الروتين الذي كان يسود المنزل، ولكن المختصون الذين أعدوا الدراسة أكدوا بأن ذلك هو خليط من الغيرة والقلق.
وأوضحت الدراسة بأن الحوار العقلاني والمنطقي بين الزوج والزوجة هو الذي بإمكانه تبديد غيرة الرجل وقلقه على مكانته، في هذا الحوار تستطيع المرأة أن تضع نصب عيني زوجها بأن الوضع قد تغير قليلا بسبب المولود ولكن الأمور ستعود إلى ما كانت عليه بشكل سريع إذا تعاون الاثنان في الاهتمام بالطفل.
إبعاد الزوج نفسه عن الساحة يلقي بكامل العبء على الزوجة وهو بالضبط ما يبعد بين الاثنين، أما إذا تم توزيع الأدوار في الاهتمام بالطفل فان المسافة بين الزوج والزوجة لن تتوسع كثيرا، ومع نمو الطفل، فان الحالة ستتحسن دون شك.
وقالت الدراسة أيضا أن الزوجة التي تتفهم عادة الأمور العاطفية أكثر من الرجل يمكن أن تثبت قدرتها مرة أخرى في أنها قادرة على الجمع مابين الاهتمام بالزوج والطفل بشكل متوازن